مـــــــــحـل
الـــعـــقــــــــــد
*المحل ركن من أركان العقد:-
- فالعقد لا ينشأ إلا إذا توافر
له محل يضاف العقد إليه (1) . فالمحل أحد أركان العقد ، فان تخلف ركن المحل ، كان
العقد باطلا ً .
- و محل العقد هو الشيء أو
الأداء المعقود عليه . ففي عقد البيع يكون محل العقد هو المبيع المعقود عليه . و
في عقد العمل ، يكون المحل هو العمل الذي يلتزم العامل بأدائه .
- فيجوز إذن أن يكون محل العقد
: مالا ً ( سواء كان عقاراً أو منقولاً ) ، أو منفعة عين ، أو عمل معين أو خدمة
معينة ، أو أي شيء آخر ليس ممنوعاً بنص في القانون أو مخالفاً للنظام العام أو
الآداب ( 2) .
* شروط محل العقد :-
1- يجب أن يكون محل العقد
موجودا ً أو قابلا ً للوجود :-
- معنى الوجود : يختلف معنى
وجود محل العقد ، بحسب كونه شيئاً أو عملا ً :-
§
فان كان محل العقد شيئاً : فيجب
أن يكون الشئ موجودا ً أو قابلا ً للوجود :-
-
فمحل العقد إن كان شيئا ً ، يحب أن يكون موجودا ً
وقت التعاقد ، أو على الأقل أن يكون قابلا ً للوجود في المستقبل . فان لم يكن
الشيء محل العقد موجودا ً وقت التعاقد و غير قابل للوجود في المستقبل ، أو حتى كان
هذا المحل موجودا ً لكنه هلك قبل التعاقد ، فان العقد لا ينعقد لعدم وجود المحل .
-
مدى جواز التعامل في الأشياء
المستقبلية ؟ . الأصل في قانون المعاملات المدنية هو جواز التعامل في
الأشياء المستقبلية ، مع ضرورة التفرقة بين نوعين من المعاملات في هذه الأشياء
المستقبلية :
ü ففي
عقود المعاوضات التي محلها أشياء مستقبلية : تجوز هذه المعاملات بشرط
انتفاء الغرر ، و تطبيقاً لذلك يجوز بيع عقار تحت الإنشاء بشرط انتفاء الغرر في
عقد البيع ( 2020).
ü أما
عقود التبرعات التي محلها أشياء مستقبلية : فتجوز هذه المعاملات و لو
تضمنت غرر ، باعتبار أن التبرعات نافعة نفعا ً محضا ً بالنسبة للمتبرع له ، فالغرر
لنيضره بشيء . و تطبيقا ً لذلك أجاز المشرع لشخص أن يؤدي لآخر راتبا ً دوريا ً
لمدى الحياة بغير عوض ، رغم أن مثل هذا العقد هو من عقود الغرر ( 3) .
-
إلا أنه استثناء من هذا الأصل العام بجواز
التعامل في الأشياء المستقبلية ، فقد تدخل المشرع الإماراتي ليحظر بعض صور
المعاملات على هذه الأشياء المستقبلية .
ومثال ذلك حظر هبة المال
المستقبل (4) .
§
إما إن كان محل العقد عملا ً :
فيجب أن يكون هذا العمل ممكناً . فإن كان التعاقد محله عملا ً مستحيلا ً ، بطل
العقد لأنه لا التزام بمستحيل ( 5) . إلا أن استحالة العمل محل العقد يجب أن نفرق
بشأنها بين :-
ü الاستحالة
المطلقة للعمل محل العقد ....... سواء كانت استحالة مادية أو قانونية . و
يقضد بالاستحالة المطلقة للعمل حمل العقد ، تلك الاستحالة التي تجعل تنفيذ العمل
محل العقد غبر ممكن للناس جميعا ً( المدين بأداء العمل أو غيره من الأفراد ) و
مثال الاستحالة المادية التزام الطبيب بعلاج مريض سبق و أن لفظ روحه ، ومثال
الاستحالة القانونية التزام المحامي بالطعن في حكم قضائي بعد فوات مواعيد الطعن .
ففي هذين المثالين ، نجد أن علاج المريض أو الطعن في الحكم القضائي ، هما أمرام
غير ممكنان ، ليس فقط بالنسبة للطبيب أو المحامي المتعاقد على انجاز هذا العما أو
ذاك ، و لكن هما أمران غير ممكنان بالنسبة لمكانة الأطباء و المحامين ، فاستحالة
العما هنا استحالة مطلقة . فالاستحالة المطلقة تبطل العقد .
ü الاستحالة
النسبية للعمل محل العقد ...... و يقصد بها عدم إمكان المدين تنفيذ العمل
المتعاقد عليه ، مع إمكان ذلك بالنسبة لغيره من الأفراد .
كالتزام محامي ابتدائي بالطعن
في حكم قضائي بالنقض ، فهو أمر غير ممكن بالنسبة لهذا المحامي ، و لكنه أمر ممكن
بالنسبة لغيره من المحامين المقيدين أمام محكمة النقض . فهذه الاستحالة النسبية لا
تبطل العقد ، بل يصح العقد و لكن عدم إمكان المتعاقد تنفيذ العمل المتعاقد عليه ،
يتيح للمتعاقد الآخر مطالبته بالتعويض ، كما يجوز فضلا ًعن التعويض التمسك بفسخ
العقد .
2- يجب أن يكون محل العقد معينا
ً أو قابلا ًللتعيين :-
- يجب أن يكون محل العقد معينا
ً ، و تختلف طريقة تعيين المحل بحسب طبيعة العقد :
ü ففي عقود المعاوضات ...... يجب أن يكون مل العقد
معينا ً تعيينا ً نافيا ً للجهالة الفاحشة ، و إلا بطل العقد ، لأن الجهالة
الفاحشة هي التي تقضي إلى النزاع بين الناس ، بعكس الجهالة اليسيرة بمحل العقد ،
فهي جهالة جرى العرف على التسامح فيها بين الناس (6).
-
و لكن كيف يتم تعيين المحل تعيينا ً نافيا ً
للجهالة الفاحشة ؟ يختلف الأمر بحسب كون المحل ، شيئا ً أم عملا ً :-
·
فإن كان محل العقد شيئا ً ....... فاما أن يكون
شيئا ً حاضرا ً ، فيكون العلم به برؤيته ، أو بالإشارة إليه ، أو بوصفه ، إن كان
في رؤيته مشقة . و إما أن يكون شيئا ً
غائبا ً فيكون العلم به بوصفه وصفا ً يمنع الجهالة الفاحشة به : فإن كان شيئا ً
قيميا ً ، فيكون وصفه ببيان أوصافه الذاتية التي تميزه عن غيره من الأشياء . و إن
كان شيئا ً مثليا ً ( كالقمح أو القطن ) فيكون وصفه ببيان جنسه و نوعه و مقداره .
فتعيين القطن يكون ببيان أنه طويل التيلة و أن مقداره أربعة قناطير .
·
فإن كان محل العقد عملا ً أو امتناعاً عن عمل
....... فيكون تعيينه ببيان ماهيته و قدره
و مدته ( إن كان القدر لا يعرف بغير بيان المدة ) . فيتعين إلتزام المؤجر بتحديد
ماهيته و إنه تمكين المستأجر من الانتفاع لمدة سنة مثلاً . و إذا كان محل الالتزام
دفع مبلغ من النقود فيجب تعيين الالتزام ببيان نوع هذه النقود و مقدارها ( أي بيان
كونها دراهم أم ريالات أم دولارات .... إلخ ، ثم بيان قدر هذه النقود ، ألف أم أقل
أم أكثر ) (7).
ü أما
في عقود التبرعات ..... فلا يلزم أن يكون محل العقد معيناً، فيجوز التبرع و لو
تضمن عقد التبرع غرر ، باعتبار أن المتبرع له لا يخسر شيئاً من إجراء التعاقد .
-
و لكن يصح العقد حتى لو كان محل غير معين ، ما
دام هذا المحل قابلا ً للتعيين . كمن يبيع شقة أو دارا ً تحت الإنشاء دون بيان
أوصاف بدقة ، اكتفاءا ً ببيان عدد أفراد الأسرة التي تقطنها .
3- يجب أن يكون محل العقد
مشروعا ً :-
- حتى يصح العقد ، لا بد أن
يكون محل العقد مشروعا ً ، و يختلف معنى المشروعية باختلاف طبيعة محل العقد ( :-
ü فإن
كان محل العقد عملا ً أو امتناعا ً عن عمل : فيشترط في هذا العمل أو الامتناع ألا
يكون مخالفا ً للنظام العام و الآداب العامة . فيبطل العقد الذي يتفق فيه المريض
مع طبيبه على قتله قتل الشفقة رحمة به و إنقاذا ً له من الآلام المبرحة التي
يعانيها .
ü اما
إن كان محل العقد شيئا ً فيجب أن يكون هذا الشيء داخلا ً في دائرة التعامل فيبطل العقد إن كان محله شيئا ًَ خارجا ً عن
دائرة التعامل . و خروج الأشياء عن دائرة التعامل اما أن يكون راجعا ً إلى طبيعة
الشيء و إما أن يكون راجعا ً إلى حكم القانون :-
1. فالأشياء
الخارجة عن دائرة التعامل بطبيعتها ...... هي كالأشياء المشتركة بين الناس جميعا ً
: كماء البحر و أشعة الشمس . فأي تعامل على هذه الأشياء يكون حكمه البطلان .
2. أما
الأشياء الخارجة عن دائرة التعامل بحكم القانون ...... فهي كالأموال العامة ( أي
المخصصة لأغراض النفع العام ) كالحدائق العامة و الميادين و الشوارع . فمن يبيع
ميدان عام فعقده باطل . و من يبيع مخدرات فعقده باطل لأن المخدرات خارجة عن دائرة
المعاملات بحكم القانون ( جدول المواد المخدرة ) .
1) تنص المادة
199 معاملات مدنية إماراتي على أنه " يجب أن يكون لكل عقد محل يضاف إليه " .
2) تنص المادة 20 معاملات مدنية إماراتي على أنه
" 1- في التصرفات المالية يشترط أن يكون المحل مالاً متقوما ً . 2- و يصح أن
يكون عينا ً أو منفعة أو أي حق مالي آخر ، كما يصح أن يكون عملا ُ أو امتناعا ً عن
عمل "
كذلك تنص المادة 126 معاملات مدنية إماراتي على
أنه " يجوز أن يرد العقد على ما يأتي :
أ-
كالأموال ، منقولة كانت أو عقارا ً ، مادية كالنت أو معنوية .
ب- منافع الأعيان .
ج – عمل معين أو خدمة معينة .
د – أي شيء
آخر ليس ممنوعا ً بنص في القانون أو مخالفا ً للنظام العام أو الآداب .
"
3) تنص المادة 1022/1 معاملاتن مدنية إماراتي على
أنه : يجوز أن يلتزم شخص لآخر بأن يؤدي له رابا ً دوريا ً مدى الحياة بغير عوض
" .
4) تنص المادة 632 معاملات مدنية إماراتي على أنه
" لا يجوز الوعد بالهبة و لا هبة المال المستقبل " .
5) تنص المادة 201 معاملات مدنية إماراتي على أنه
" إذا كان المحل مستحيلاًَ في ذات وقت العقد كان العقد باطلا ً " .
6)تنص المادة 203 معاملات مدنية إماراتي على أنه
"1- يشترط في عقود المعاوضات المالية أن يكون المحل معينا ً تعيينا ً نافيا ً
للجهالة الفاحشة بالإشارة إليه أو إلى مكانه الخاص إن كان موجودا ً وقت العقد أو
بيان الأوصاف المميزة له مع ذكر مقداره أن كان من المقدرات أو بنحو ذلك مما تنتفي
به الجهالة الفاحشة . 2- و إذا كات المحل معلوما ً للمتعاقدين فلا حاجة إلى وصفه و
تعريفه بوجه آخر . 3- و إذا لم يعين المحل على النحو المتقدم كان العقد باطلا ً
".
7) تنص المادة 204 معاملات على أنه " إذا
كان محل التصرفات و مقابله نقودا ً لزم بيان قدرها و نوعها دون أن يكون لارتفاع
قيمة هذه النقود أو لانخفاضها وقت الوفاء أي أثر ".
تنص المادة 205 معاملات مدنية إماراتي على أنه
" 1- يشترط أن يكون المحل قابلاً لحم العقد . 2- فان منع القانون التعامل في
شيء أو كان مخالفاً للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلا ًَ " .
الــمــــبــحــــث
الــثــالــــث
ســـبــــــب
الـــعـــــقـــــــــد
يجب أن يـــــكون للعقد سبب ، و
فضلا ً عن ذلك يجب أن تتوافر في هذا السبب شروط معينة (1) :-
1- يجب أن يكون السبب موجودا ً
.
فان انعقد عقد و لم يوجد له سبب
، كان العقد باطلا ً . فمن استأجر شقة في أبوظبي متصوراً صدور قرار بنقله للعمل
هناك ، ثم لم يصدر قرار النقل ، يكون عقد الايجار باطلاً لعدم وجود سبب له ( غلط
في سبب العقد أي غلط مانع من الارادة و ليس معيبا ً لها ) .
2-يجب أن يكون السبب صحيحا ً :-
فان انعقد العقد و كان له سبب ، يجب أن يكون السبب صحيحا ً ، و إلا بطل
العقد . فان كان سبب العقد صوريا ً كأب يبيع داره لأبنه الأكبر صوريا ً ، مع أنه
في الحقيقة يهبه إياه . فهنا يكون البيع باطلا ً لعدم صحة السبب .
3- يجب أن يكون السبب مشروعا ً :-
فان انعقد العقد بسبب صحيح ، يجب أن يكون هذا السبب غير مخالف للقانون أو
النظام العام أو الآداب ، و إلا بطل العقد . فمن يستأجر شقة ليديرها لألعاب القمار
، يكون عقد إيجاره باطلاً لعدم مشروعية سبب العقد .
* إثبات السبب :-
الأصل هو افتـــراض وجود سبب للعقد ، و افتراض
أن هذا السبب صحيح و مشروع (2) ، و على من
يدعي عكس ذلك ، اثبات أن العقد ليس له سبب ، أو أن له سبب غير صحيح ، أو أن سببه
غير مشروع .
1)
تنص المادة 207 معاملات مدنية إماراتي على أنه "1- السبب هو الغرض المباشر
المقصود من العقد . 2- و يجب أن يكون موجودا ً ، و صحيحا ً ، و مباحا ً ، و غير
مخالف للنظام العام و الآداب " .
2) تنص
المادة 208 معاملات مدنية إماراتي على أنه " 1- لا يصح العقد إذ لم تكن فيه
منفعة مشروعة للمتعاقدين . 2- و يفترض في العقد وجود هذه المنفعة المشروعة ما لم يقم الدليل على غير ذلك " .