المبحث الثاني
شهــادة
الشهـــــــود
الفرع الأول
التعريف بالشهادة
أولا
: تعريف الشهادة
:
إخبار الشخص, في مجلس القضاء,
بحق لغيره على غيره.
ثانيا
: خصائص الشهادة:
وتتسم الشهادة كطريق من طرق
الإثبات بالخصائص التاليه
:
1-
أن حجيتها قوامها
الإقناع لا الإلزام :
لان قيمة الشهادة تنبع من مدى إقناعها للقاضي
بما شهدت به، فإن حازت اقتناعه حكم بمقتضاها أو استناداً إليها ومن ثم كانت لها
قوة في الإثبات، والا طرحها جانبا وبنى حكمه استنادا إلى أي دليل آخر من أدلة
الإثبات فهي إذن دليل غير ملزم للقاضي.
2 - أن حجيتها غير قاطعة
:
فما يثبت بها يقبل النفي بأي
طريق آخر من طرق الإثبات بل وقد ينفي بشهادة أخرى وعلى ذلك فما ثبت بالشهادة يعتبر
صحيحا إلى أن يثبت عكسه قبل القضاء به.
3 - أن للشهادة حجية متعدية
:
بمعنى أن ما ثبت بالشهادة لا
يقتصر ثبوته على أطراف الخصومة ، وإنما يتعدى ذلك إلى الكافة وهذه الخاصية تستند
إلى اعتبارين :
الاعتبار الأول :
صدور الشهادة عن شخص عدل صادق
في شهادته ، ولا مصلحة له في الشهادة بغير الحقيقة لأنه يشهد بحق لغيره على غيره،
كما أ،ه يحلف اليمين علي ألا يقول غير الحق، ولمن يدعي عكس ذلك عليه إثباته.
أما الاعتبار الثاني :
فهو أن حجية الشهادة تقوم على أقناع القاضي وله
سلطته المطلقة في تقدير قيمتها في إثبات الحق أو الأمر المدعي به.
والقاضي لا يبني حكمه استنادا
إلى اقتناعه بشهادة الشهود إلا بعد تمحيص وتدقيق ومن ثم يصح أن يكون ما ثبت
بالشهادة حجة على الكافة لا على أطراف الخصومة فقط.
4 - أن للشهادة حجية مقيدة
:
بمعنى أن المشرع لم يجعل لها حجية مطلقة في
الإثبات كالكتابة بل قصر نطاقها في الإثبات على أحوال أو وسائل معينة وذلك لدر
الكذب، وعلي ذلك فما أوجب القانون إثباته بالكتابة لا يجوز إثباته بالشهادة.
ثالثا
: أنواع الشهادة
:
تتنوع شهادة الشهود إلي شهادة:
مباشرة، وغير مباشرة، وشهادة
بالتسامع:
أ- الشهادة المباشرة :
هي التي يشهد فيها الشاهد أمام القاضي مباشرة،
بما رآه ببصره أو سمعه بأذنه أو ما يكون قد رأه وسمعه في آن واحد.
فقد يقرر الشاهد امام القضاء
بأنه رأي الجاني وهو يشعل النار في زراعة جارة.
وقد يقرر بأنه سمع الجاني وهو
يعتدي على المجني عليه في المنزل المجاور له وهو متيقن من صوت كل منهما.
وقد يشهد بانه حضر مجلس العقد
وسمع المتعاقدين وراهما يتبادلات الايجاب والقبول ويسلم كل منهما الاخر ما اوجب
العقد عليه تسليمه.
ب- الشهادة غير المباشرة
: (الشهادة السمعية) :
وهي الشهادة التي يشهد فيها الشخص طبقا لما سمعه من شخص آخر يكون قد
رأى أو سمع أو رأى وسمع الواقعة محل الادعاء.
فالشاهد في هذه الشهادة ما هو
إلا ناقل إلى مجلس القضاء ما سمعه من هذا الشخص عن هذه الواقعة.
ويقدر القاضي قيمتها كما يقدر
قيمة الشهادة الأصلية إلا أنها ابعد إلى أقناع القاضي من الشهادة المباشرة.
ج- الشهادة بالتسامع :
وهي الشهادة التي يشهد فيها الشخص بما يتسامعه
الناس عامة وليس شخصا معينا، وشاع بينهم في شأن
الواقعة محل الإثبات.
وهي شهادة غير مقبولة لانه يتم التحري عن مدى
صدقها ولا يتحمل الشاهد فيها مسؤولية شخصية عما شهد
به.
ومن ثم كانت غير مقبولة ولا
يصح للقاضي إن يأخذ بها إلا في الأحوال التي ينص القانون عليها صراحة وهي:
1-
الوفاة
2-
النسب .
3- اصل الوقف الخيري الصحيح
وشرائطه فان النسب يشتهر فيها بالتهنئة وفي الموت بالتعزية والنكاح بالشهود
والوليمة والقضاء بالمشهور
رابعا
: سلطة القاضي في تقدير الشهادة
:
أن لقاضي الموضوع الحرية
المطلقة في الأخذ أو عدم الأخذ بشهادة الشهود، مهما تعددوا، بل ومهما كانت أوصافهم، أو سمعتهم، أو مركزهم الاجتماعية،
متى كانت لا توحي بالثقة فيها ومتى كانت لا تتفق وظروف الدعوى.
وتبقى سلطة القاضي مطلقة في
الأخذ بشهادة الشاهد أو طرحها حتى ولو أتفق
الأطراف علي قبول شهادة شاهد معين، فلا يجوز للأفراد أن يتفقوا على طريقة للإثبات
تقيد المحكمة.
والقاضي في سلطته هذه غير
ملزم ببيان أسباب اطمئنانه أو عدم اطمئنانه إلى شهادة شاهد معين، أو في تجزئته للشهادة،أو ترجيح شهادة على أخرى، أو تغليب شهادة القلة
على شهادة الكثرة.
ويتضح من ذلك أن للقاضي سلطة
تقديرية واسعة في مجال الإثبات بشهادة الشهود من سلطته بالنسبة إلي الكتابة.
الفرع الثاني
قوة
الشهادة في الاثبات
المطلب الأول
القوة
المطلقة للشهادة في الإثبات
ونقسمها إلي نبذتين
:
الأولي بيان قوة الشهادة في
إثبات الوقائع المادية، ونجعل الثانية لبيان قوتها في إثبات المواد التجارية.
النبذة الأولي
:
قوة الشهادة في اثبات
الوقائع المادية :
أن للشهادة قوة مطلقة في
إثبات الوقائع المادية. وعلة ذلك أن الوقائع
المادية لا تسمح طبيعتها بإعداد دليل كتابي لإثباتها.
مثال:
( فيضان أو قيام زلزال أو لأصابته في حادثة أليم أو لخطأ المدعي عليه
في دعوى التعويض).
لذلك كانت القاعدة بالنسبة
للوقائع المادية إثباتها بكافة طرق الإثبات ومنها شهادة الشهود فيكون لها قوتها
المطلقة في إثباتها.
النبذة الثانية
:
قوة الشهادة في اثبات
المواد التجارية :
هنا أعطى القانون
للشهادة قوة مطلقة في إثبات هذه التصرفات دون أن يقيدها بحد معين أو بقيمة معينة
للتصرف القانوني التجاري.
وعلة ذلك
:
هو أن طبيعة المعاملات
التجارية تقتضي السرعة والتيسير والبساطة في أجرائها، ومن ثم يمكن إثباتها بكافة طرق الإثبات ومنها
شهادة الشهود آيا ما كانت قيمة التصرف القانوني التجاري،وهذا ما قررته الشريعة
الإسلامية.
ولتطبيق هذه القاعدة، يجب:
أن يكون التصرف تجاريا
وليس مدنيا.
وأن يكون المدعي عليه
يتمتع بصفة التاجر.
فإذا ما باع مزارع قطنه
لتاجر فإن هذا التصرف يعتبر تصرفا مختلطا فهو تصرف تجاري بالنسبة للتاجر وتصرف
مدني بالنسبة للمزارع.
وفي هذه الحالة يستطيع
المزارع أن يثبت دعواه بكافة طرق الإثبات بما فيها الشهادة دون أن يقيده في ذلك
بقيمة التصرف.
أما التاجر فلا يستطيع أن
يثبت دعواه قبل المزارع إلا طبقا لقواعد الإثبات في المواد المدنية لان التصرف
بالنسبة للمزارع مدني.
الاستثناء :
قد يستلزم القانون إثبات بعض
المسائل التجارية بالكتابة.
مثال:
كما هو الحال في الأوراق
التجارية كالشيك أو الكمبيالة والسند الاذني .
كما قد لا يكتفي القانون
باستلزام الكتابة، فقد يشترط فيها شروطاَ معيناة .
كما هو الحال في المسائل
التجارية التي تستغرق وقتاً طويلاً، مثل عقود الشركات التجارية وعقود بيع السفن
وإيجارها والتأمين عليها.
كذلك يجوز أن يتفق الإطراف على الإثبات بالكتابة لان قاعدة إطلاق
الإثبات بالشهادة في المواد التجارية ليست من النظام العام.
كما للقاضي سلطة تقديريه في
تطبيق هذه القاعدة من عدمه.
ويرى الفقه أن القضاء لا يقبل
الإثبات بالشهادة حتى في المسائل التجارية إذا كانت التصرفات كبيرة القيمة أو جرى
العرف علي إثباتها بالكتابة، أو الاكتفاء بوجود مبدأ ثبوت بالكتابة.
ثانياً
: القوة المحددة للشهادة في الإثبات
:
ونعرض قوة شهادة الشهود في
إثبات المواد المدنية بقاعدتين عامتين، ونقسمها إلي نبذتيين :
نبذه أولى في إثبات المواد
المدنية.
ونبذة ثانية لبيان
الاستثناءات التي تخرج عنها.
النبذة الأولى
:
القاعدتان المقيدتان
للإثبات بالشهادة في المواد المدنية
:
أولاً
: نطاق تطبيق القاعدتين
:
1 - تطبيق هاتين القاعدتين
مقصور على التصرفات القانونية في المواد المدنية التي تزيد قيمتها عن -/5000 درهم
أو غير محددة القيمة.
وينبني علي ذلك
:
أ- أن هاتين القاعدتين تسريان
على كافة التصرفات القانونية المدنية سواء تعلق الأمر بإثبات وجود التصرف أو
بإثبات انتقاله أو تعديله أو انقضائه، وسواء كان التصرف تصرفاً مزدوج كالعقد أم
تصرفاً انفراديا كالوعد بجائزة أو الإبراء وذلك ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير
ذلك.
ب- أن هاتين القاعدتين لا تسريان على إثبات الوقائع المادية أو
التصرفات القانونية التجارية فهذه التصرفات يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات بما
فيها شهادة الشهود.
ج- أن هاتين القاعدتين لا تسريان على التصرفات القانونية المدنية التي
لا تجاوز قيمة الحق المدعي به فيها -/5000 درهم فهذه التصرفات يجوز إثباتها بكافة
طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود لأنها قليلة القيمة.
2- يقتصر تطبيق هاتين
القاعدتين على من كل طرفا في التصرف القانوني، أما الغير فيجوز له
الالتجاء إلى الشهادة لإثبات التصرف القانوني أيا كانت قيمته، ولإثبات ما يخالف أو
يجاوز ما أشتمل عليه دليل كتابي، لان الغير لم يكن باستطاعته الحصول على دليل
كتابي بالتصرف.
1
-
أن تطبيق هاتين القاعدتين ليس متعلقاً بالنظام العام.
وينبني علي ذلك أنه
:
أ
- لا يجوز للمحكمة إن تقضي باستبعاد الشهادة من تلقاء نفسها بل يجب
على ذي الشأن أن يتمسك بذلك.
ب
- يجوز التنازل عن التمسك بعدم جواز الشهادة و لا يجوز أبداء هذا
الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض.
ج
- كما يجوز الاتفاق مقدما على استبعاد الشهادة، لان الأصل هو جوازها
من ذلك ما جرت عليه شركات التأمين من اشتراط أن يكون الحريق ثابتا في محضر الشرطة
حتى يحق للمؤمن له المطالبة بمبلغ التأمين مع أن الحريق ما هو إلا واقعة مادية
يجوز إثباتها بالشهادة.
ونشرح كل
من القاعدتين علي حدة :
أولا
: قاعدة عدم جواز الإثبات بالشهادة بالنسبة للتصرف الذي تجاوز
قيمته -/5000 درهم أو الغير محدد القيمة
:
القاعدة عدم
جواز الشهادة في إثبات التصرفات القانونية المدنية، آيا ما كانت طبيعته
القانونية عقدا أم تصرفا انفراديا وآيا ما كان محله حقا عينيا أم حقا شخصيا مثال
(القيام بعمل أو الامتناع عن عمل متى كانت قيمة الحق تجاوز -/5000 درهم أو كان غير
محدد القيمة) وذلك ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك.
ويلاحظ ، أن المشرع قد ساوى في عدم جواز الإثبات بالشهادة، بين التصرف
الذي تزيد قيمته عن -/5000 درهم وبين التصرف الغير محدد القيمة مثل عقد محله شهادة
طبية ، أو شهادة علمية، أو الالتزام بعد البناء.
تقدير قيمة التصرف
:
ويقتضي بالضرورة معرفة قيمة
التصرف القانوني المراد إثباته سواءً كان أنشأً، أو نقلاً أو تعديلا ًأو انقضاءً،
وتحكمها مبادئ رئيسية ثلاثة :
المبدأ الأول :
العبرة بقيمة الالتزام
وقت صدور التصرف القانوني لا وقت المطالبة بتنفيذه
:
وينبني على ذلك:
- انه إذا كانت قيمة
الالتزام لا تزيد عن -/5000 درهم وقت صدور التصرف جاز إثباته بشهادة الشهود، ولو
تجاوزت قيمته بعد ذلك 5000 درهم، نتيجة لتقلبات الأسعار.
فوقت صدور التصرف هو
الوقت الذي يستطيع فيه ذوو الشأن أن يقدروا ما إذا كان يجب عليهم أن يعدوا دليلاً
كتابياً لإثبات هذا التصرف ام لا .
- كما لا يجوز تجزئة قيمة الالتزام، فإذا كانت قيمة الالتزام وقت صدور
التصرف تزيد على -/5000 درهم ، فلا يجوز إثباتها بشهادة الشهود ولو طلب الدائن
بجزء من الحق الذي يطالب به .
والحكمة من ذلك هى :
أن الحكم للدائن بالجزء
من الحق الذي يطالب به يقتضي الفصل في ثبوت الحق كله.
كما أن السماح للدائن
بالإثبات بالشهادة إذا نقصت قيمة الجزء الذي يطالب به عن 5000درهم قد يدفع المدين
إلي التحايل علي هذه القاعدة، وذلك بتجزئة المطالبة هروباً من إثبات هذا الحق
بدليل كتابي، ولذلك كان المنع من الشهادة في هذه الحالة سدا للذرائع.
- كذلك
لا يجوز الإثبات بالشهادة، إذا طالب الدائن في دعواه بما تزيد قيمته على -/5000
درهم ثم عدل عن طلبه إلى ما لا يزيد عن هذا المقدار.
وذلك لان المشرع افترض أن
المدعي لم يعدل عن طلبه الأول، إلا للتهرب من هذه القاعدة ، ولكن إذا اثبت المدعي
انه غلط في طلبه الأول وثبت للقاضي فعلا غلط المدعى، جاز له إن يثبت طلبه بشهادة
الشهود.
-
كذلك إذا كانت قيمة
الالتزام الأصلي تزيد عن -/5000 درهم وقام المدين بالوفاء به على دفعات تقل كل
منها عن 5000د فلا يجوز إثبات الوفاء بكل دفعة من هذه الدفعات بالشهادة على الرغم
من إنها اقل من نصاب الشهادة، لان قيمة الالتزام الأصلي تزيد عن هذا النصاب
.
مثال ذلك:
( إذا اقترض (أ) من (ب) مبلغ -/16.000 درهم
واتفق معه على إن يوفيه إياه على أربعة دفعات قيمة كل دفعة -/4000 درهم فلا يجوز
لـ (أ) أن يثبت وفاءه بكل دفعة بشهادة الشهود بل لابد من الدليل الكتابي لإثبات
هذا الوفاء ).
المبدأ الثاني
:
العبرة في تقدير قيمة
الالتزام هي بأصل الالتزام ذاته، دون اعتداء بقيمة الفوائد أو الملحقات
:
ومن ثم يجوز الإثبات بشهادة الشهود متى كانت
قيمة الالتزام الأصلي لا تجاوز -/5000 درهم حتى ولو كان المدعي يطالب في دعواه
بأكثر من هذا المقدار، متى كانت الزيادة ناشئة عن ضم الفوائد أو الملحقات إلى اصل
قيمة الالتزام.
ومثال ذالك:
( إذا طالب المدعي في دعواه بتعويض يزيد في مقداره عن -/5000 درهم
بسبب إخلال المدعي عليه في تنفيذ التزامه في عقد
لا تجاوز قيمته الـ 5000د، ففي هذه الحالة يجوز للمدعي الإثبات بالشهادة
لان قيمة الالتزام في أصله لا يتجاوز نصاب الشهادة إما الإخلال بالالتزام العقدي
فهو واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات).
المبدأ الثالث
:
العبرة بقيمة كل تصرف
على حده ولو تعددت الطلبات في الدعوى متى كانت هذه الطلبات ناشئة عن مصادر متعددة
:
فإذا رفع شخص دعواه مطالبا فيها بعدة طلبات،
وكان لكل من هذه الطلبات مصدره الخاص به، فإن العبرة في مدى جواز الإثبات بالشهادة
هي بقيمة كل تصرف على حدة، وليس بمجموع الطلبات أو التصرفات ولو كانت هذه التصرفات
أو بعضها من طبيعة واحدة.
مثال ذلك:
إذا طالب شخص شخصا آخر في دعوى واحدة بمبلغ -/5000 درهم عن ثمن شئ كان
قد باعه له، وبمبلغ -/5000 درهم قيمة قرض كان قد أقرضه إياه، وبمبلغ -/5000 درهم
قيمة جائزة كان قد وعد بها المدعي عليه وكسبها المدعى ، في هذه الحالة:
يجوز للمدعي أن يثبت كلا من
هذه الطلبات بالشهادة رغم أنها في مجموعها تجاوز نصاب الشهادة.
أما إذا كانت المبالغ
الثلاثة ثمنا لثلاثة أشياء بيعت في صفقة واحدة، فلا يجوز إثبات كل مبلغ منها
بالشهادة، لان العبرة بوحدة الصفقة أو التصرف وليس بوحدة المبيع.
والمقصود بالكتابة هنا هي الكتابة المعدة سلفا لتكوين دليلا كاملا
للإثبات سواء كانت رسمية أو عرفية.
ثانيا
: قاعدة عدم جواز الإثبات بالشهادة فيما يخالف أو يجاوز ما أشتمل عليه
دليل كتابي :
شروط تطبيق هذه القاعدة
:
الشرط الأول :
أن يوجد دليل كتابي كامل معد
مقدما للإثبات :
والدليل الكتابي هو كل ورقة مكتوبة معدة سلفا
لتكون دليلا كاملا للإثبات سواء كانت رسمية أو عرفية متى استوفت الشروط المعروفة
للورقة الرسمية أو العرفية، بما في ذلك الرسائل والبرقيات متى كانت موقعا عليها.
وعلي ذلك فلا يكفي لتقييد قوة
الشهادة في الإثبات مجرد وجود كتابة غير معدة سلفا للإثبات كالدفاتر التجارية أو
الأوراق المنزلية أو التأشير ببراءة الذمة.
لأن
الكتابة ليست معدة سلفا للإثبات، ولم تستوف شروط الدليل
الكتابي الكامل، ومن ثم يجوز الإثبات بكافة طرق
الإثبات، بما فيها شهادة الشهود.
كذلك يجوز إثبات ما يخالف مبدأ الثبوت بالكتابة أو يجاوزه بالشهادة
لان مبدأ الثبوت بالكتابة، لا يعتبر دليلا كتابيا كاملا ولكنه مجرد دليل ناقص يلزم
لتكملة دلالته في الإثبات الشهادة أو القرائن .
وعلي ذلك انه متى وجد الدليل
الكتابي الكامل فلا يجوز إثبات ما يخالف أو يجاوز ما أشتمل عليه دليل كتابي
بالشهادة بصرف النظر عن قيمة التصرف الثابت به ولو لم تزد على -/5000 درهم وبصرف
النظر عن قيمة ما يراد إثباته مخالفا لهذا الدليل الكتابي أو مجاوزا له.
الشرط الثاني
:
أن
يكون المراد إثباته يخالف أو يجاوز ما أشتمل عليه الدليل الكتابي
:
بمعنى أن يكون من شأن
المراد إثباته تكذيب الثابت بالدليل الكتابي أو التعديل أو الإضافة إليه.
فإذا أشتمل الدليل الكتابي
على أن ثمن المبيع 1000 درهم فلا تجوز الشهادة لإثبات أن الثمن أقل أو أكثر من ذلك.
كذلك إذا أشتمل الدليل
الكتابي علي أن العقد بيع فلا يجوز الشهادة لإثبات أن العقد هبة.
كذلك لا يجوز إثبات ما يجاوز
الكتابة بالشهادة سواء كان ذلك قد تم عند تحرير العقد أو في وقت لاحق، كالادعاء
بإضافة شرط أو اجل لأثر الالتزام، أو أن هناك فوائد لم تذكر في السند المكتوب.
أما إثبات أن عيبا من
عيوب الإرادة قد شاب تصرفا ثابتا بالكتابة، فلا يعتبر هذا ادعاءً بما يجاوز ما
أشتمل عليه دليل كتابي، لان الكتابة ليست دليلا على خلو الإرادة من العيوب.
فعيوب الإرادة جميعها وقائع
مادية ومن ثم يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات آيا ما كانت قيمة التصرف.